لم تعد بعض المواقع الإلكترونية المحلية بمدينة الناظور مجرد منابر إخبارية محايدة، بل تحولت إلى ما يشبه “أبواق مأجورة” برتب مختلفة “أعوان سلطة”، تخدم أجندات خاصة مقابل مكاسب مادية.. فهذا التحول يجعلها أداة في يد بعض المنتخبين والمسؤولين الذين يسعون لتلميع صورتهم أو تصفية حساباتهم، على حساب المهنية والمصداقية.
تأكيدا لهذا التوجه، تأتي الفضيحة الإعلامية الأخيرة المرتبطة بتوقيف مواطن إسباني بمعبر بني أنصار.. حيث سارعت بعض هذه المواقع إلى نشر أخبار عارية من الصحة، زعمت فيها أن الموقوف “عنصر نشط في الحرس المدني الإسباني”، وهو ما يتنافى كليا مع الحقيقة.
وقد سارعت وسائل الإعلام الإسبانية نفسها إلى تفنيد هذه الادعاءات، مؤكدة أن الشخص المعني قد طرد من صفوف الحرس المدني منذ حوالي عشرين عاما، وبالتالي فهو لا يمثل هذه المؤسسة الأمنية بأي شكل من الأشكال.
وعلى النقيض من ذلك، لم تكلف المواقع المحلية التي تعتمد منهج “النسخ واللصق” دون ذكر المصادر، نفسها عناء التحقق من المعلومات.. بل اكتفت بترديد أخبار مغلوطة تفتقر لأبسط قواعد العمل الصحفي، وعلى رأسها التحري والتدقيق.
الأخطر من ذلك، أن بعض هذه المواقع حاولت استغلال القضية لخلق صراع إعلامي مصطنع بين المغرب وإسبانيا، في تجاهل تام للعلاقات الاستراتيجية المتقدمة بين البلدين.
وفي المقابل، أكد مصدر أمني من المفوضية الجهوية للأمن بالناظور أن السلطات المغربية تعاملت مع الواقعة بمهنية تامة وفي إطار القانون، حيث تم إشعار القنصلية العامة الإسبانية مباشرة بعد توقيف المواطن الأجنبي، وإحاطتها بكل حيثيات القضية.. هذا السلوك الرسمي يعاكس تماما الطريقة التي تعاملت بها بعض المنابر المحلية التي سقطت في فخ التهويل والتضليل الإعلامي.
الفضيحة الأخيرة تكشف بوضوح أن جزءا من الإعلام المحلي في الناظور قد فقد بوصلته المهنية، وتحول إلى أداة بيد مسؤولين يسعون إلى تحقيق مصالح شخصية.. فالمواقع التي تعيش على منح وهبات تحت الطاولة لم تعد تبحث عن الخبر الصحيح، بل عن الإثارة الرخيصة، ولو على حساب سمعة المدينة أو علاقات المغرب الخارجية.
وبهذا، يمكن القول إن بعض منابر الناظور لم تعد تساهم في تنوير الرأي العام، بل أضحت تشوه صورة الصحافة وتعرضها للاحتقار، بعدما أصبحت مجرد أبواق مأجورة بلا مهنية ولا مصداقية.