عاد اسم يحيى يحيى، الفاعل المدني والسياسي المعروف بمواقفه الصريحة تجاه الوجود الإسباني في سبتة ومليلية والجزر المحتلة، إلى واجهة النقاش العمومي من خلال خرجات إعلامية جديدة، حاول من خلالها توضيح أسباب تعثر التأسيس القانوني لما أسماه “التنسيقية الوطنية للترافع عن قضايا المملكة المغربية”.
ففي تصريحاته الأخيرة، شدد يحيى على أنه توصل بإشارات من السلطات تعكس وجود نوع من الحرج في منح الترخيص لهذه المبادرة، مبرزا في الآن ذاته تمسكه بالوطنية والالتفاف حول الملكية، ومؤكدا استعداده الدائم لوضع نفسه رهن إشارة القضايا الوطنية وعلى رأسها ملف الوحدة الترابية.
لكن خلف هذه الخرجات الإعلامية، تبرز معطيات أخرى تكشف عن الأسباب العميقة التي جعلت مؤسسات الدولة، وعلى رأسها وزارة الداخلية، تنأى بنفسها عن دعم الرجل أو الارتباط بمبادراته.
فقد أكدت مصادر مطلعة لـ “الريف 24” أن بداية القطيعة تعود إلى سنة 2011، حين رفض يحيى يحيى، بصفته آنذاك رئيسا لجماعة بني انصار، الحضور لمراسيم إعطاء انطلاقة مشاريع ملكية بمدينة أطليون، كان مقررا خلالها التوقيع على ثلاث اتفاقيات شراكة.
وبرغم الاتصالات المتكررة التي أجراها العطار عامل إقليم الناظور حينها، ثم وزير الداخلية الأسبق الطيب الشرقاوي، أصر يحيى على موقفه، بل وأكد للوزير أن حضور رئيس جماعة بني انصار لهذه المراسيم “لا يمكن أن يتم إلا إذا اتصل به الملك شخصيا”.
هذا الموقف، الذي اعتبر في حينه تصرفا متعجرفا وتجاوزا غير مسبوق للأعراف المؤسساتية، كان نقطة تحول في علاقة يحيى بالمؤسسات الرسمية، إذ تحوّل الرجل منذ ذلك الحين إلى شخصية “غير مرغوب فيها” داخل دوائر القرار.
بل إن مسؤولين محليين رفيعي المستوى بالناظور شددوا في أكثر من مناسبة على أن أي فاعل يضع يده في يد يحيى يحيى، سيجد نفسه في موقع خاسر سياسيا ومؤسساتيا.
وبذلك، يتضح أن التعثر الذي تعرفه مبادرات يحيى يحيى اليوم ليس معزولا عن سياق تاريخي أعمق، ارتبط بخلافات سابقة مع مؤسسات الدولة، ما جعله في نظر وزارة الداخلية ومعها أطراف نافذة مجرد “ورقة منتهية الصلاحية”، مهما حاول استعادة حضوره عبر المبادرات الجمعوية أو الخرجات الإعلامية.
