لم تتوقف بعد البرلمانية عن حزب التجمع الوطني للأحرار، ياسمين لمغور، عن إثارة الجدل بخطاباتها المليئة بالشحن والتخوين، والتي تحولت إلى مادة دسمة للنقاش في الساحة السياسية والإعلامية.
فبعد وصمها منتقدي حزبها بـ”الجراثيم” و”الميكروبات”، عادت هذه المرة بلغة استعراضية جديدة، طرحت من خلالها سلسلة من التساؤلات البلاغية، وكأنها في حالة “سكر سياسي” يقطعها عن الواقع، أكثر مما يقربها منه.
البرلمانية تساءلت في تدوينتها الأخيرة: “كيف يمكن أن نصف من يستبيح الحياة الشخصية لفنان؟ ما اسم من يحاكم اختيارات الآخرين السياسية؟ ما الكلمة المناسبة لوصف من يعادي الناس فقط لأنهم مارسوا حقا دستوريا؟”، وهي صياغات تبدو في ظاهرها دفاعا عن حرية الاختيار، لكنها في العمق تحمل استمرارا في نهج الإقصاء والتخوين، وتجعل من حزبها وصيا على الوطنية ومانحا لصكوك الحرية.
إن أخطر ما في خطاب لمغور ليس فقط التناقض بين الدعوة إلى احترام الاختلاف وبين ممارسة العكس تماما، بل أيضا تكريس صورة برلمانية تفتقد إلى النضج السياسي والرصانة المؤسساتية، وتعوض ضعف الحجة بالانفعال والوصم.
فالمغاربة الذين يوجهون انتقاداتهم لحزب الأحرار أو لسياساته لا يقلون مواطنة ولا حبا للوطن عن أي من المنتسبين للحزب، بل يمارسون حقا دستوريا مشروعا في النقد والمساءلة.
حين تختزل السياسة في نعت المخالفين بالأوصاف القدحية، وحين يستعمل قاموس الشارع في مؤسسة يفترض أن تكون منبرا للنقاش الراقي، فذلك لا يعني سوى أن جزءًا من النخبة الحزبية يعيش في “سكر طافح”، بعيدًا عن أولويات المواطنين ومعاناتهم اليومية.
ويبقى السؤال المفتوح: هل ستستفيق برلمانية الأحرار من هذه الحالة، وتدرك أن مهمتها الأصلية هي الدفاع عن مصالح الشعب لا الهجوم على المنتقدين؟ أم أن الخطاب المهلوس سيبقى هو العلامة الفارقة لمسارها السياسي؟