هشام اسباعي يكتب: من المجلس الوطني للصحافة الى المجلس الوطني للدعارة

هشام اسباعي يكتب: من المجلس الوطني للصحافة الى المجلس الوطني للدعارة
الريف 2411 غشت 2025Last Update : شهر واحد ago

في زمن كثرت فيه الأوراق الرسمية والبطاقات، حاول البعض أن يختزل مهنة الصحافة في مجرد بطاقة مهنية تصدر عن مجلس أو هيئة رسمية… لكن، هل يمكن أن تختصر مهنة العطاء وصوت الحقيقة في مجرد ورقة بلاستيكية؟!

الصحافة، كما قال أحد الشعراء: الصحافة ليست مجرد كلمات على ورق، بل هي «أغنية صراخ في وجه الظلم، ودمدمة نهر لا يجف»؛ هي نضال مستمر، وجرأة على مواجهة الفساد، وقوة تحمل أعباء المظلومين.

وإلى جانب ذالك، كان الصحفي الأمريكي جورج أورويل قد لخص جوهر الصحافة قائلا:

“الصحافة الجيدة تحمي الناس من الظلم، لا تبيعهم كذبة ملفقة”.

وفي يومنا هذا، هل يعقل إذن أن تحدد ورقة أو بطاقة “من هو صحفي ومن ليس صحفيا”؟ هل ننسى أن آلاف الرواد المغاربة مارسوا الصحافة قبل وجود أي بطاقات، ومنهم عبد السلام بنونة، أحد رجالات الحركة الوطنية المغربية… الذي قال:

“الصحافة مدرسة الحرية، ولا يمكن أن تسجنها قوانين مفرطة.”

ومع كل هذا، لم تعد البطاقة مجرد أداة لتنظيم المهنة فقط، بل صارت أحيانا ورقة تحكم بالانتماء وتفتح أو تقفل أبواب الصحافة…

وإذا استمر هذا المنطق إلى غايته، فليس مستبعدا أن ينشأ في المستقبل القريب مجلس وطني للدعارة، تمنح من خلاله البطاقة المهنية لبائعات الهواء، ولا يسمح لمن لم يحصل على هذه البطاقة أن يمارس هذه المهنة!

فهل يعقل أن يصبح التوثيق والبيروقراطية معيارا لتحديد مهنة ذات بعد أخلاقي وإنساني مثل الصحافة؟ وهل نسمح أن يقتل التنظيم روح الجرأة والصدق، أو يحرم الناس من صوتهم الحر؟

إن الصحافة ليست بطاقة، الصحافة هي رسالة، والرسالة لا تقيد ولا تقفل، بل تحلق بأجنحة الحرية.

الصحافة مدرسة للحرية وليست بطاقة مهنية….

Short Link
Comments

Sorry Comments are closed

Breaking News