في وقت أصبحت فيه الأضواء تستهوي بعض المسؤولين، ويغريهم وهج الكاميرات في المناسبات الرسمية، يختار الأستاذ فيصل الحجيوي، نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالناظور، طريقا مغايرا تماما: الصمت العملي، والاشتغال في الظل، والمهنية الرفيعة التي لا تحتاج إلى ضجيج أو تصفيق.
لا يعرف عن الرجل كثرة الظهور، لا في افتتاحات السنوات القضائية ولا في المنصات الخطابية، ولكنه حاضر بقوة في المكان الأهم: مكتبه، وملفاته، وعلاقته اليومية بالمرتفقين… هيبة الموقع القضائي لم تجره إلى التعالي، بل اختار أن يكون قريبا من المواطن، يصغي، يتفاعل، وينزل روح القانون قبل نصه، في احترام تام للتوجيهات الملكية السامية، ولروح الدستور المغربي الذي يجعل من كرامة المواطن محور كل السياسات العمومية.
فيصل الحجيوي، وهو أحد أبناء المنطقة، لا يحمل على كتفيه فقط صفة نائب وكيل الملك، بل يحمل أيضا ثقة الناس وتقديرهم، وهي مسؤولية لا تقل ثقلا عن المهام القانونية… فمن النادر، في واقعنا الإداري والقضائي، أن يجمع المتقاضون والمحامون والموظفون، بمختلف مشاربهم، على احترام شخص يمارس سلطة، دون أن يتسلط، ويحمل صفة، دون أن يتصنع.
الحديث عن رجل قضاء بهذا الشكل ليس ترفا ولا مجاملة… بل هو نوع من الاعتراف المهني بما يجب أن يكون عليه من يتقلد هذه المناصب… والأستاذ الحجيوي، ببساطته، وتواضعه، وسعة صدره، يذكرنا أن السلطة حين تقترن بالإنسانية تصبح عادلة بحق، وأن المهنية لا تحتاج إلى بهرجة إعلامية حتى تبرهن على وجودها.
في زمن نحتاج فيه إلى تجديد الثقة في المؤسسات، تبقى مثل هذه النماذج بمثابة بوصلة، توجهنا نحو ما يجب أن نطالب به: قضاء نزيه، متفاعل، مهني، وقريب من المواطن… لا شعارات فارغة، ولا وجوه مألوفة في الصفوف الأولى فقط وقت الكاميرا.
Sorry Comments are closed