أبعير يكتب … ما حقيقة “المليون ونصف شهيد”؟

أبعير يكتب … ما حقيقة “المليون ونصف شهيد”؟
الريف 2425 ماي 2025Last Update : 4 شهور ago

منذ استقلال الجزائر سنة 1962، ظلت عبارة “المليون ونصف المليون شهيد” تتردد في المدارس، في الإعلام، في الشعارات، وحتى على لسان المسؤولين في المحافل الدولية… لكن، هل تساءل أحد من أبناء هذا الجيل: من أين جاء هذا الرقم؟ ومن أقره؟ وهل هو واقع تاريخي أم صناعة سياسية؟

الوثائق الفرنسية، الأبحاث المستقلة، شهادات المؤرخين—سواء داخل الجزائر أو خارجها—كلها تشير إلى رقم أقل بكثير من الرواية الرسمية… أغلب الدراسات الرصينة تتحدث عن 300 ألف إلى 500 ألف ضحية خلال حرب التحرير، وهي أرقام لا تقلل من حجم الفاجعة، بل تكشف حقيقة مؤلمة دون تهويل.

ومع ذلك، أصرت الدولة الجزائرية، منذ السنوات الأولى للاستقلال، على تكريس هذا الرقم الضخم… لكن السؤال الصادم هو: هل من المقبول أن يضاف “مليون شهيد” إلى تاريخ بلد كامل، فقط من أجل ترسيخ هوية وطنية؟

هل تبنى الوحدة الوطنية على تضخيم الأرقام؟ وهل يجوز المتاجرة بدماء الشهداء باسم الرمز والذاكرة؟ أليس من الأخلاق والمسؤولية أن نفرق بين الحقيقة والأسطورة؟ بين ما يجب أن يذكر للتاريخ، وما يقال فقط لتلميع الخطاب السياسي؟

المؤسف أن هذه الأسطورة تم تمريرها لأجيال دون مساءلة، حتى أصبحت “مقدسة”، ومن يشكك فيها يتهم بالتقليل من التضحيات أو بالخيانة… لكن الحقيقة لا تخاف التحقيق، ولا تخشى السؤال.

فلنسأل بوضوح:

أين هي الوثائق التي تؤكد وجود “مليون ونصف” ضحية؟

لماذا لا تفتح الجزائر أرشيفها للباحثين بكل شفافية؟

هل تبنى ذاكرة الأمم على الشعارات أم على الحقائق؟

إنه لا من الواجب اليوم أن نعيد قراءة التاريخ بشجاعة… المجد والاحترام لكل شهيد سقط من أجل الكرامة والحرية، لكن الكذب على الشهداء هو خيانة لهم، لا وفاء… كفى من ترديد الأرقام دون دليل … كفى من تسويق الأساطير على أنها حقائق.

Short Link
Comments

Sorry Comments are closed

Breaking News