في زمن الانفتاح الرقمي وتكاثر المنصات الإلكترونية، لم تسلم بعض هذه الفضاءات من التلوث الأخلاقي الذي حولها إلى أدوات للابتزاز وتصفية الحسابات، يقودها “بطاليون” لا علاقة لهم بالصحافة سوى الاسم، وانتهازيون حولوا “التدوين” إلى مهنة للضغط وطلب الإتاوات، في مشهد يسيء للمهنة ويهدد حرية التعبير الحقيقية.
ففي تصريح مقتضب خص به موقع “الريف 24″، كشف أحد الأشخاص – الذي تحفظ الموقع عن ذكر اسمه – عن تعرضه لـ”ابتزاز ممنهج” من طرف مسير مدونة إلكترونية بمدينة الناظور، يدعى خليفة الداودي، صاحب منصة “ريفينيوز”، التي ذاع صيتها مؤخرا ليس بمهنية محتواها، بل بكثرة الاتهامات الموجهة إليها بخصوص ممارسات الابتزاز الرقمي.
ووفقا لتصريح المشتكي، فإنه سبق أن كان أحد كبار المتعاملين في مجال التجارة الدولية للمخدرات، إلا أن العقوبة السجنية التي قضاها بالمغرب جعلته يقرر التوبة والابتعاد عن هذا العالم، حيث توجه لتسيير مشاريع خاصة به في إسبانيا، غير أن ذلك لم يجنبه التعرض لحملات تشهير وابتزاز من طرف المعني بالأمر، الذي طالبه بمبالغ مالية مقابل عدم نشر معطيات تخص ماضيه.
الضحية أكد أنه رفض الانصياع لهذا الابتزاز، بل وواجهه بتسجيل صوتي يهدد فيه خليفة الداودي بنشر معطيات خاصة، وهو ما دفع هذا الأخير، حسب المتحدث، إلى حذف التدوينات بعد أن تم إخباره بأنه يعرف صاحب المنصة شخصيا، وتم التواصل معه لإزالتها.
لكن مسلسل الابتزاز لم يتوقف عند هذا الحد، إذ تفاجأ المعني بالأمر خلال الأيام الأخيرة، بنشر مقالات مماثلة على موقع إلكتروني محلي يعود لشخص ينحدر من جماعة قرية أركمان، وبعد تحرياته، تبين له أن هذا الشخص يعد من المقربين لخليفة الداودي، وأن ما نشر لم يكن سوى امتدادا لحملة انتقامية orchestrée من الخلف، بعدما عبر المشتكي عن نيته في اللجوء إلى القضاء.
هذه الواقعة تفضح مرة أخرى كيف تحولت بعض المنصات الإلكترونية إلى أدوات لتصفية الحسابات وابتزاز الأشخاص، في غياب تام لأخلاقيات المهنة والحد الأدنى من المسؤولية الإعلامية، كما أن الأخطر أن هذه التصرفات تمارس أحيانا باسم الصحافة، بينما هي في الواقع ممارسات تجرمها القوانين وتشجبها ضمائر الصحفيين المهنيين.
إن تكرار هذه الحالات يدق ناقوس الخطر، ويطرح ضرورة عاجلة لتنقية الحقل الإعلامي الرقمي من الدخلاء والمبتزين، وتفعيل الآليات القانونية لمحاسبة كل من يستغل حرية النشر للتشهير والابتزاز والكسب غير المشروع.
الصحافة رسالة، لا وسيلة انتقام، والمنصات الرقمية منابر للرأي، لا مغارات للابتزاز.
Sorry Comments are closed