تحول سوق عشوائي لبيع الخضر والفواكه في حي المستوصف بمدينة بني انصار إلى بؤرة نفوذ اقتصادي وتنظيمي معقد، يثير قلقا واسعا بين الساكنة والمراقبين المحليين، في ظل عجز واضح للسلطات عن فرض القانون واستعادة النظام.
ويقود هذا النشاط غير المنظم رئيس جمعية التضامن لتجار سوق بني انصار، المدعو حمزة الشيباني، وهو أيضا عضو في نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب – فرع الناظور، وقد بات هذا السوق المثير للجدل مصدر دخل ضخم، تقدر مداخيله بمليارات السنتيمات سنويا، رغم كونه مقاما فوق أرض محفظة تعود ملكيتها لأفراد، دون أي ترخيص قانوني.
ورغم صدور حكم قضائي نهائي يقضي بإفراغ السوق، إلا أن التنفيذ تعطل تحت ما وصف بـ”صعوبة التنفيذ”، غير أن مصادر مطلعة ترجح أن التحدي الحقيقي يكمن في التأثير المتزايد للجهات المسيطرة على السوق، لا سيما بعد تغلغلها في العمل النقابي وقدرتها على حشد ذوي السوابق وإثارة التوترات الاجتماعية عند كل محاولة لفرض القانون.
فتحول حي المستوصف وحي المسجد إلى فضاء مختنق تعمه الفوضى، حيث ينتشر الباعة في الأزقة ويشغلون الملك العمومي بشكل كامل، في ظل انتشار أدوات حادة يقولون إنها “مخصصة للعمل”، وسط أوضاع صحية متدهورة، بسبب الروائح الكريهة وانتشار القوارض، ما حول حياة السكان إلى معاناة يومية مستمرة.
الأكثر إثارة للقلق، وفقا لمصادر متقاطعة، هو استغلال النفوذ النقابي لتأمين غطاء احتجاجي “مفبرك”، عبر تنظيم وقفات محسوبة بدقة، الغرض منها الضغط على السلطات وخلق أجواء توتر تمنع أي تدخل حازم، ما يعمق من أزمة الثقة بين السكان والإدارة الترابية.
وقد عبر فاعلون محليون وملاك عقارات، إلى جانب أفراد من الجالية المغربية بالخارج، عن قلقهم المتزايد إزاء هذا الوضع، مطالبين بتدخل ملكي عاجل لإنقاذ المدينة من هذا “الاحتلال المنظم” للمجال العمومي والخاص، والذي يرى فيه البعض تهديدا صريحا لسلطة الدولة وهيبة القانون.
إن ما يجري في بني انصار يتجاوز كونه مجرد فوضى سوق غير مرخص، ليطرح كنموذج مثير للجدل حول مدى قدرة المؤسسات على التصدي لتغول المصالح الخاصة حين تلبس لبوس التمثيلية النقابية، فهل تتحرك الجهات العليا قبل أن يتكرس واقع قانوني مواز، ترسم فيه حدود السلطة خارج إطار الدولة؟
Sorry Comments are closed