في زمن باتت فيه التفاهة تروج على أنها موهبة، والابتذال يصفق له كأنه إبداع، تطل علينا شابة مغربية اسمها آية إزيلكي، لا لتطلب التصفيق، بل لتستحقه… فتاة تحمل على كتفيها حملا أكبر من سنها، ووعيا يتجاوز سنوات عمرها، تجيد ست لغات في سن الثانية عشرة، وتتقن ما هو أسمى من ذلك: أن تحسن مخاطبة العقول لا الغرائز.
آية لا تلاحق “الترند”، بل تعانق القيمة… تفتح نافذتها الصغيرة على فيسبوك ويوتيوب، لا لتبهرنا بترف فارغ، بل لتذكرنا بأن المحتوى ليس مجرد وسيلة للتسلية، بل مسؤولية ورسالة… تتناول مواضيع اجتماعية وثقافية بلغة راقية، تضيء بها زاوية معتمة في الفضاء الرقمي العربي…. تحدثت عن “الكرنج” والتنمر، لا لتسخر بل لتعالج، لا لتدين بل لترشد، وهذا ما يفتقر إليه كثير من صناع المحتوى (التفاهة) اليوم.
في المقابل، لا يمكن أن نغض الطرف عن ظاهرة متنامية باتت تؤرق كل ذي ذوق سليم، وهي انفجار المحتوى الرديء على المنصات… فيديوهات فارغة من أي مضمون، تكتفي بالصراخ، والتصنع، والتعري الرمزي أو الفعلي لجذب التفاعل… في زمن باتت فيه عدادات المشاهدات تقيس النجاح، حتى وإن كان على حساب القيم والمعرفة.
في هذا السياق المتردي، تطل آية إزيلكي كوجه ناصع، يرفع رأسه في هدوء، ويقول: لا زال للأمل مكان… لا زالت الكاميرا قادرة على أن تسجل شيئا.نبيلا… ولعل احترامنا لآية لا يأتي فقط لما تقدمه، بل لما تمثله: نموذجا لفتاة عربية، مغربية، تؤمن أن طريق التأثير لا يمر بالسطحية، بل بالصدق والعمق والفكر النظيف.
آية، نوجه لك هذا الاحترام البناء، لا من موقع التقديس، بل من موقع التقدير… لأنك اخترت الطريق الصعب: أن تفكري أولا، وأن تفكري بنا جميعا وأنت تكتبين أو تتكلمين… وهذا – في زمن “المؤثرين” – هو الفعل الحقيقي للتأثير.
دمت رمزا لمحتوى يستحق أن يشار إليه بالبنان… محتوى يزرع الوعي في أرض عطشى للفكرة، لا للفرقعة.
Sorry Comments are closed