لم يكتف الجدل الذي رافق إعلان الفنان المغربي بن عيسى الجراري انضمامه لحزب التجمع الوطني للأحرار بما أثاره من ردود أفعال متباينة، حتى زاد الجراري بنفسه من حدة المواجهة عبر تدوينة مثيرة على صفحته في “فيسبوك”، اختار فيها أن يصف منتقديه بـ”الصعاليك”، متهما إياهم بالوقاحة والسعي وراء “جلب المتابعين”.
هذا الرد العنيف كشف عن انزلاق خطير في الخطاب، حيث تحول الفنان، الذي عرفه الجمهور لسنوات طويلة كصاحب أدوار فنية أدخلت البهجة إلى البيوت المغربية، إلى طرف مباشر في تراشق لفظي لا يليق لا بمساره الفني ولا بالفضاء العام الذي يفترض أن يسوده الاحترام.
إن نعت شريحة من المغاربة بـ”الصعاليك” لا يمكن أن يقرأ إلا كنوع من الاستعلاء والاستهانة برأي المواطنين، حتى وإن جاء نقدهم قاسيا أو ساخرا… فالفنان، حين يقرر أن يخطو نحو السياسة وينخرط في حزب، عليه أن يتوقع النقد والمساءلة، لا أن يرد بتوزيع الشتائم.
بهذه التدوينة، يكون الجراري قد قدم خدمة عكسية تماما للحزب الذي التحق به، فبدل أن يكون انضمامه ورقة إيجابية لصالح صورة التجمع الوطني للأحرار، تحول إلى عبء جديد يزيد من توتر العلاقة بين الحزب والرأي العام، الذي يرى في مثل هذه الردود دليلا على غياب تقاليد الحوار الديمقراطي داخل النخبة السياسية والفنية التي تسعى لتلميع صورته.
يبقى الأهم أن السياسة ليست مسرحا للشتائم، وأن الفنان الذي يختار الانخراط في العمل العام مطالب بالارتقاء بخطابه، بدل الانجرار وراء لغة “النعل” و”الصعلكة”، التي لا تزيد النقاش إلا احتقانا.