في رسالة مؤثرة، عبّر ناصر الزفزافي، أحد أبرز وجوه الحراك الشعبي بالريف، عن عميق امتنانه وشكره لكل من سانده ووقف إلى جانبه بعد وفاة والده، أحمد الزفزافي، الذي رحل قبل أيام. وجاءت هذه الرسالة عقب الجنازة المهيبة التي شهدتها مدينة الحسيمة، حيث ودّع الآلاف جثمان الراحل في مشهد يعكس مكانته في قلوب أبناء المنطقة.
وأكد الزفزافي في رسالته على فيض المحبة والدعم الذي تلقاه في هذه المحنة، واصفًا تلك الوقفة الشعبية بالتاريخية، ومشيرًا إلى أن ما أظهره أبناء الريف كان بمثابة السند الذي خفف عنه وعن عائلته ألم الفقد.
ونصت رسالة ناصر الزفزافي على ما يلي:
> “إخوتي، أخواتي، الأفاضل الفضيلات؛
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
إنه لفخر عظيم لا يقدر بثمن أني كنت بينكم وأنتم تحيطونني بالحب الذي خفف عنا حرقة فراق والدي الشهيد رحمه الله رحمة واسعة، وإنه لشرف مابعده شرف أني سرت معكم وبجانبكم فوق تراب ريفنا الغالي في ذلك اليوم التاريخي ونحن نشيع أبي الغالي إلى مثواه الأخير في جنازة تليق برجل عظيم كنتم أبناؤه في حياته.
يا أبناء وبنات أب الأحرار والحرائر؛
لن أوفيكم حقكم من الشكر ولو شكرتكم دهراً من الزمن، إذ كنتم سندي الذي أسندني في محنتي وحزني، ولو كان بودي تقبيل رؤوسكم واحداً واحداً لن يعز علي الأمر على ما قمتم به، ولو قبلت التراب الذي سارت فوقه نعالكم لن أسدد ديني تجاهكم.
أنا مدين لكم طول عمري على وقفتكم البطولية ومحبتكم العظيمة وحزنكم العميق على أبوكم قبل أن يكون أبي، يا أبناء أب الأحرار والحرائر عيزي أحمد، تغمده الله بعفوه ورحمته وأسكنه جنانه.
سأظل أشكركم حتى ألقى ربي على وفائكم وحزنكم وتواجدكم وعطشكم وتكبدكم للحر والجوع في ذلك اليوم لمساندتي وأهلي الكرام في هذه الفاجعة التي نحمد الله عليها.
شكراً للجميع دون استثناء، لأبناء ريفي الشامخ ولكل من تكبد عناء الطريق للحضور من كل بقاع الوطن، ولكل من واسانا وعزانا ورفع أكفه لله داعياً مع المرحوم ومعنا، ولكل من تواجد ومن لم تسعفه ظروفه.
بارك الله فيكم وحفظكم، كما أدعو الله أن يوفقني لعلني أفلح في رد ديني الذي أدين به لكم ولو القليل منه، فوالله دينكم لا يرد ودموعكم لا ثمن لها ووقفتكم لا أوفيها حقها حتى لو عشت عمري كله شاكراً لكم ومقبلاً أياديكم وأرجلكم.
حفظكم الله بما حفظ به الذكر الحكيم، وتقبل الله عزاءنا وعزاءكم فيما أصابنا وألم بنا، وأدام الله عليّ وعلى أهلي نعمة سندكم، فأنتم أهلي كلكم دون استثناء.
رحم الله الشهيد أب الأحرار والحرائر الغالي وألهمنا الله وألهمكم الصبر.”
واختتم ناصر الزفزافي رسالته بالدعاء لكل من حضر وساند العائلة، مؤكداً أن ما قاموا به سيظل ديناً في عنقه لا يمكن رده.
وتأتي هذه الرسالة بعد جنازة وُصفت بـ”التاريخية”، عكست حجم الحب والوفاء الذي يحمله أبناء الريف لوالد الزفزافي، الذي كان يُلقب بـ”أب الأحرار والحرائر”.