صور من الحكم أسفل المقال:
لا شيء يثير النقاش في الأوساط القانونية والإعلامية أكثر من الأحكام التي تصدرها المحاكم في القضايا الكبرى، خاصة عندما تكون مرتبطة بحقوق الناس وأملاكهم… فقضية التزوير العقاري بالناظور واحدة من تلك الملفات التي فتحت أبواب الجدل على مصراعيها، بعدما صدر حكم اختلفت حوله الآراء بين من يراه تطبيقا صارما للقانون ومن يعتبره تمييزا واضحا بين متهم وآخر.
القضية نفسها، الوثائق نفسها، الملف نفسه… لكن النتيجة مختلفة:
نافع غانم نال حصة من “الاطمئنان القضائي” جعلت المحكمة تميل إلى منحه ظروف التخفيف.
بينما محمد رمضاني، الذي يقف في نفس الملف، وجد نفسه أمام عقوبة مشددة بلغت 15 سنة سجنا نافذا، بعد أن رفضت المحكمة منحه أي امتياز قانوني.
تفاوت الأحكام… تساؤلات مشروعة
عندما تمنح المحكمة التخفيف لمتهم وتتشدد مع آخر في ملف واحد، فمن الطبيعي أن تتولد الأسئلة:
هل هناك فرق جوهري في الأفعال المرتكبة بين الطرفين؟ هل قدم أحدهما دفوعا أكثر إقناعا من الآخر؟ أم أن هناك معايير غير معلنة تتحكم في مسار بعض القضايا؟
هذه التساؤلات مشروعة، لأنها لا تطعن في استقلال القضاء، بل تدعو إلى الشفافية في التعليل القضائي، حتى يفهم الرأي العام أسباب تفاوت الأحكام.
نافع غانم… عندما تحدثت الظروف
استفاد نافع غانم من نظرة مختلفة من المحكمة، حيث رأت أن دوره ثانوي في الملف، وأن الأضرار المنسوبة إليه أقل حدة من غيره، وهو ما دفعها إلى تمتيعه بظروف التخفيف… كما أخذت المحكمة بعين الاعتبار، حسب الحيثيات، ظروفه الاجتماعية وبعض المعطيات المتعلقة بتنازل الطرف المدني في مواجهته، فكانت النتيجة عقوبة أقل بكثير.
محمد رمضاني… صرامة بلا هوادة
في المقابل، وجدت المحكمة في محمد رمضاني المتهم المحوري الذي ربطت بينه وبين كل الخيوط الأساسية في القضية، ورأت في أفعاله تهديدا مباشرا للثقة العامة في العقود العدلية والرسوم العقارية… لكن ما أثار الانتباه هو رفض المحكمة منحه أي تخفيف، رغم أن الدفاع قدم دفوعا حاول من خلالها تفنيد الاتهامات الموجهة إليه.
فهل كان الملف خاليا من أي شبهة تساوي في المسؤولية بينه وبين نافع غانم؟ أم أن المحكمة رأت في رمضاني “الرأس المدبر” الذي يستحق أقصى العقوبة؟
بين الاطمئنان والعدالة
القضاء، في فلسفته، يجب أن يقوم على ميزان واحد: إذا كانت الأدلة متساوية، فيجب أن تكون الأحكام كذلك، أما إذا اختلفت المسؤوليات، فمن حق الرأي العام أن يفهم أسباب هذا الاختلاف بوضوح… لكن عندما يقرأ المتتبع الحيثيات ولا يجد ما يكفي لتفسير هذا التباين في المعاملة، يصبح من المشروع أن تطرح الأسئلة وأن يُفتح النقاش حول آليات تقدير العقوبة.
فملف التزوير العقاري بالناظور لم ينته بصدور الحكم، بل بدأ معه جدل أوسع حول مدى توازن الأحكام في قضايا مماثلة…
القضاء يظل مؤسسة محترمة، لكن احترامه يزداد كلما كانت أحكامه معللة بوضوح ومرتكزة على قاعدة واحدة تطمئن الجميع، لا أن تمنح الاطمئنان للبعض وترفضه عن الآخرين في نفس الملف.
فهنيئا لنافع غانم الذي اطمئن له القضاء، ويا للأسف لمحمد رمضاني الذي لم يطمئن له.
نافع غانم:
محمد رمضاني:
Sorry Comments are closed