في عمق الصحراء المغربية، حيث تُخفي الرمال حكايات البطولة والفداء، يرقد شهداء حرب الصحراء في صمتٍ مطبق. رحلوا دفاعًا عن الأرض والهوية والوطن، لكن رحيلهم ترك في بيوت أسرهم فراغًا قاتلًا وظلمةً لا تزول.
تلك البيوت التي فقدت أبناءها لم تعد كما كانت؛ غابت عنها الضحكات، وأُغلقت نوافذها، وصارت الجدران شاهدة على حزنٍ عميق لا يزول مع مرور السنين. إنه فقدٌ لا يُقاس بالزمن، وجراح لا تندمل مهما طالت الأيام.
وفي المقابل، أُضيئت صالونات السياسة في المدن الكبرى، وارتفعت الأعلام في احتفالات رسمية، بينما بقيت أسر الشهداء على هامش المشهد. هناك من بنى مجده على دماء أولئك الأبطال، وهناك من استثمر تضحياتهم ليصنع لنفسه نفوذًا ومكانة، بينما ظلت القبور بلا شواهد والأسر بلا إنصاف.
إن ما بين ظلمة القبور وظلمة البيوت دراما وطنية صامتة لا تُعرض على الشاشات، أبطالها الحقيقيون بلا صوت ولا منصة. ومع ذلك، يظل نور تضحياتهم حاضرًا في وجدان الوطن، شاهداً على وفاء رجالٍ قدّموا أرواحهم دون أن يسألوا شيئًا في المقابل.
فذاكرة الشهداء ستبقى حيّة، مهما حاول البعض طمسها، لأن الوطن لا يُقاس بما يُقال في الخطب، بل بما دُفع في سبيله من دماء.
Sorry Comments are closed