رغم مرور نصف قرن على نهاية الاستعمار الإسباني للصحراء المغربية، ما زالت الجزائر تصر على العيش في ظلال الحروب الباردة، حاملة راية جبهة انفصالية واهية تدعى “البوليساريو”، والتي ولدت في أحشاء جنرالات العسكر سنة 1976، لا لشيء سوى لمضايقة المغرب، وعرقلة وحدته الترابية، وتوسيع نفوذ نظام جزائري لا يعرف كيف يعيش دون “عدو خارجي”.
جبهة بلا شرعية … وصنيعة المخابرات العسكرية
نشأت ما تسمى بـ”جبهة البوليساريو” في 27 فبراير 1976، مباشرة بعد انسحاب آخر جندي إسباني من الأقاليم الصحراوية، في محاولة يائسة لملء فراغ سياسي لم يكن إلا وهما في عقول الجنرالات، بينما كانت قبائل الصحراء قد عبرت عن ارتباطها الأبدي بعرش المملكة المغربية في بيعات موثقة منذ قرون.
فما يسمى بـ”الجمهورية الصحراوية” لا توجد إلا على الورق، وفي مخيمات مغلقة في تندوف الجزائرية، حيث يحتجز آلاف الصحراويين في ظروف لا إنسانية، دون حق العودة، أو التنقل، أو التعبير الحر… والغريب أن الجزائر، التي تنادي بـ”تقرير المصير”، تمنع مراقبي حقوق الإنسان من دخول هذه المخيمات، وكأنها تخشى من انكشاف الكذبة!
المغرب في الميدان … والشرعية فوق الأرض
منذ المسيرة الخضراء المجيدة في 6 نونبر 1975، والمغرب لم يدخر جهدا في تعمير الأقاليم الجنوبية، من خلال بنية تحتية ضخمة، وأوراش اجتماعية واقتصادية كبرى، ومشاركة فعلية للسكان الصحراويين في الانتخابات، والمؤسسات، والدبلوماسية الوطنية.
وفي المقابل، لم تقدم البوليساريو شيئا سوى البيانات، وحملات التضليل، والتحالفات المشبوهة مع أنظمة منهارة، وميليشيات مسلحة تشكل خطرا على الأمن الإقليمي.
الجزائر … من ثورة التحرير إلى تصدير الانفصال
الجزائر التي نالت استقلالها في 5 يوليوز 1962 بعد استعمار دموي دام 132 سنة، لم تتعلم من جراحها، بل سرعان ما تحولت من ضحية استعمار إلى نظام يمارس الوصاية، ويشعل النزاعات، ويدعم الانفصال، ويتصرف كأنه مؤهل لإعادة رسم خرائط المنطقة.
من ثنائية “جيش + جهاز مخابرات”، بنى النظام الجزائري سرديته على خلق أعداء خارجيين… فمنذ حرب الرمال سنة 1963، والعداء للمغرب متجذر في عقيدة النظام، وليس في إرادة الشعب الجزائري الشقيق، الذي لم يستفد شيئا من مليارات الدولارات التي تهدر على جبهة انفصالية فاشلة.
بل إن نفس النظام الذي فشل في بناء اقتصاد قوي، وترك شبابه يهرب عبر “قوارب الموت”، يعتقد أنه مؤهل لإعطاء دروس في “التحرر”، وهو الذي لا يحتمل حتى انتخابات حرة!
الدعم الدولي ينحاز للعقلانية
في دجنبر 2020، اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب الكاملة على الصحراء.
العديد من الدول فتحت قنصليات في العيون والداخلة.
الاتحاد الأوروبي، رغم لغته المتحفظة، يتعامل مع الأقاليم الجنوبية كجزء من الشراكة الاقتصادية مع المغرب.
وفي مقابل هذا الزخم، لم تحظ “الجمهورية الورقية” بأي اعتراف حقيقي في السنوات الأخيرة، بل سحبت دول إفريقية وعربية عدة اعترافاتها السابقة.
الخلاصة: المغرب في بلاده … والجزائر في مأزقها
الصحراء مغربية بحكم التاريخ، والشرعية، والدماء، والتنمية، والشرعية الدولية الصامتة التي بدأت تتكلم بلغة المصالح والواقعية.
أما الجزائر، فقد أصبحت رهينة جنرالات لم يتجاوزوا عقلية السبعينات، وجبهة انفصالية تعيش على فتات الدعم، بينما يتغير العالم من حولهم.
لقد آن الأوان لأن تدرك الجزائر أن زمن “الثورات المؤجلة” انتهى، وأن استقرار المغرب ليس تهديدا، بل فرصة لمن أراد مستقبلا مغاربيا متكاملا.
الصحراء ليست مجرد قضية … إنها وطن!
والمغرب في صحرائه، والصحراء في مغربها، شاء من شاء وكره من كره.
Sorry Comments are closed