مرت عشر سنوات كاملة منذ أن زار عبد القادر سلامة جماعة بني سيدال الجبل في ليلة انتخابية عام 2015، ليلة كان فيها الوعود توزع بسخاء أكثر من أوراق التصويت نفسها… وقف الرجل أمام الناس وقالها دون خجل:
“شنو خصكم نصاوبوه؟ من مالي الخاص غادي ندير ليكم كلشي.”
هكذا، دفعة واحدة، تحول البرلماني إلى فاعل جمعوي، إلى مستثمر، إلى رجل إنقاذ… الناس، طبعا، صدقوا الحلم أو تمسكوا به لأنهم ببساطة ما وجدوا غيره… لكن كعادة السياسة حين تصير بلا أخلاق، كان كل شيء مجرد دخان انتخابي سرعان ما تبخر مع أول شمس بعد النتائج.
عبد القادر سلامة، الذي صرح لي لاحقا — وهذا أقوله بكل مسؤولية — بأن “هاذ السياسة كلها كذوب”، لم يكن يبالغ… كان صادقا هذه المرة… الصدمة؟ أن الكذوب لم يكن فقط في السياسة، بل في كل ما وعد به الرجل تلك الليلة.
أين هي المشاريع التي قال إنها من ماله الخاص؟ أين هي المبادرات التي أقسم أمام الشيوخ والنساء والأطفال أنه سيُحققها؟ لا شيء… حرفيا: لا شيء.
هنا لا نتحدث عن فشل في تحقيق برنامج حكومي، أو تعثر بسبب عراقيل إدارية… نحن نتحدث عن وعد مباشر، صادر عن شخص قال إنه سيفعل، لكنه ببساطة لم يفعل… ومرت السنوات، وكأن شيئا لم يكن.
اليوم، وبعد مرور عقد كامل، لا يسعنا إلا أن أتساءل:
هل السياسة عندنا فعلا هي فن الكذب العلني باسم الديمقراطية؟
أم أن أمثال سلامة يختزلون المشهد ويعمقون فقدان الثقة بين المواطن والصندوق؟
الساكنة التي انتظرت “هدية البرلماني” عادت اليوم لمربع التهميش نفسه، وربما وضعها ازداد سوءا… لكن الأهم من كل هذا: أن الرجل ما زال حاضرا في المشهد، كأن شيئا لم يحدث.
Sorry Comments are closed