لأول مرة في تاريخه، يحتفي العالم بـ”اليوم العالمي للساعات” في 10 أكتوبر المقبل، بمبادرة من جمعية “World Watch Day” السويسرية، وذلك تكريما لصناعة الساعات التي أدرجتها اليونسكو ضمن التراث الثقافي غير المادي للبشرية منذ عام 2020، حيث يأتي هذا الحدث العالمي لتسليط الضوء على منجزات حضارية وإنسانية في فن قياس الزمن، وفي مقدمتها ابتكارات الحضارات الإسلامية.
وفي هذا السياق، يلفت المغرب الأنظار إلى تراثه الغني في صناعة الساعات المائية، وعلى رأسها “دار المجانة” أو “دار الساعة” بمدينة فاس، والتي تعد من أبرز النماذج الهندسية الدقيقة في هذا المجال، وقد أنشئت هذه الساعة الفريدة في القرن الرابع عشر، قبالة مدرسة البوعنانية، على يد العالم المهندس علي أحمد التلمساني، في عهد السلطان المريني أبو عنان فارس.
وقد اعتمدت الساعة المائية الفاسية على نظام معقد من الأكواب والعارضات الخشبية والعوامات المعدنية، حيث كانت تقيس الزمن من خلال تدفق المياه بطريقة منضبطة تفتح نوافذ صغيرة تشير إلى مرور الساعات، وفق ما يعرف بنظام “الساعات غير المتساوية”، المقتبس من الفلك اليوناني، والذي يقسم اليوم إلى 12 ساعة تختلف مدتها باختلاف الفصول.
ورغم اندثار الساعات المائية تدريجيا بفعل الكوارث الطبيعية، ونقص الصيانة، وظهور الساعات الميكانيكية، فإن دار المجانة لا تزال رمزا لمستوى الدقة والمعرفة الذي بلغته الحضارة المغربية في علم الوقت.
وقد بادرت جمعية مليلية لليونسكو، بالتعاون مع وكالة إعادة تأهيل مدينة فاس (ADER-Fès)، إلى إدراج هذا التراث ضمن مشروع مشترك مع منظمة “World Watch Day” للمشاركة الرسمية في فعاليات اليوم العالمي للساعات، حيث يرتقب أن تستكمل أشغال ترميم الساعة المائية بعد نجاح ترميم مدرسة البوعنانية عام 2004.
بهذا، يستعيد المغرب فصلا منسيا من عبقرية حضارته، مؤكدا أن “الجميل ليس غاليا مهما كان الثمن”، كما قال السلطان أبو عنان ذات يوم.
Sorry Comments are closed