احتجاجات آيت بوكماز تكشف هشاشة الدولة واستغلال الأحزاب للشارع

احتجاجات آيت بوكماز تكشف هشاشة الدولة واستغلال الأحزاب للشارع
الريف 2412 يوليوز 2025Last Update : شهرين ago

تعيش منطقة آيت بوكماز على وقع احتجاجات شعبية غاضبة، أخرجت ساكنة الجبال من صمتهم القاتل، مطالبين بأبسط الحقوق: الكرامة … مشاهد قاسية لنساء يحملن الدلاء الفارغة وأطفال حفاة في عراء الجبال، وصرخات شيوخ تفضح سنين الإهمال…. لكن بدل أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها في فك العزلة وتقديم الحلول، وجد بعض الساسة في هذه الاحتجاجات فرصة ذهبية للركوب على معاناة الناس وتصفية حساباتهم السياسية.

ففي سلوك يفتقر إلى الحد الأدنى من الأخلاق السياسية، تحولت وقفات آيت بوكماز إلى مسرح لحملة انتخابية سابقة لأوانها… أحزاب كانت بالأمس في موقع القرار ولم تفعل شيئا، عادت اليوم لتلبس جلباب “المعارضة”، وتوزع الوعود والاتهامات ذات اليمين وذات الشمال… وبينما تغيب الدولة، يحضر “التهافت”، وتتحول معاناة المواطنين إلى سلعة انتخابية رخيصة.

حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يشارك في تسيير الشأن العام ويعرف جيدا خرائط الهشاشة في المغرب، لم يتردد في إصدار بيان حول مسيرة آيت بوكماز، داعيا إلى مكافحة هشاشة الجماعات القروية… دعوة قد تبدو نبيلة، لولا أن الواقع يفضح التواطؤ الجماعي لكل من شارك في صناعة هذا الفشل المزمن… فالهشاشة ليست ظاهرة طارئة، بل نتيجة مباشرة لعقود من التسيير الارتجالي، ونهب الميزانيات، وتسليع القرى في بورصة الانتخابات.

أما الحكومة ككل، التي يترأسها حزب التجمع الوطني للأحرار، فقد برهنت مرة أخرى أنها أبعد ما تكون عن نبض الشعب… حكومة تسير البلاد كأنها شركة خاصة، لا ترى في المواطن سوى زبون ناقم أو “مستهلك” صامت… صمتها أمام معاناة سكان آيت بوكماز ليس فقط علامة فشل، بل صفعة أخلاقية في وجه ما تبقى من ثقة المواطنين في الدولة.

هل أنتم حكومة أم عصابة؟ سؤال صار يتردد بصوت عال في دواوير الجبال، قبل أن يطرح في المدن… فحين يترك المواطن فريسة البرد والعطش والتهميش، ويستعمل غضبه وقودا لصراعات انتخابية مبكرة، فإننا لا نكون أمام تدبير ديمقراطي، بل أمام سلوك عصابة تتقاسم الغنيمة على حساب الوطن.

ما يجري في آيت بوكماز ليس فقط احتجاجا على الإقصاء والتهميش، بل كشف مرير لهشاشة السياسة، وانهيار المعنى الحقيقي للمسؤولية… آن الأوان أن نعيد تعريف من يصلح لقيادة البلد: هل هو من يركب على الأزمات، أم من يتحمل وزرها بشجاعة ويبدأ الإصلاح من الجذور؟

Short Link
Comments

Sorry Comments are closed

Breaking News