تعاني مدينة الناظور منذ سنوات من أزمة اقتصادية خانقة أرهقت كاهل سكانها، ودفعت شريحة واسعة من شبابها إلى الحلم بالهجرة كخيار وحيد للهروب من واقع يزداد قسوة… ركود تجاري، بطالة متزايدة، وانكماش في فرص الاستثمار، كلها مؤشرات تؤكد أن المدينة باتت تعيش على إيقاع الشلل الاقتصادي، في غياب رؤية استراتيجية تنموية حقيقية.
رغم ما تزخر به من مؤهلات جغرافية وبشرية، لم تنجح الناظور في ترجمة هذه الإمكانات إلى انتعاش اقتصادي ملموس… فالميناء، والموقع الحدودي، والجالية القوية المقيمة بالخارج، كلها أوراق كان يمكن استثمارها لتحريك عجلة الاقتصاد، إلا أن غياب الإرادة السياسية، وارتجالية التدبير، جعلا المدينة تتراجع إلى الخلف.
وفي خضم هذه الأزمة، تعرف الناظور في الآونة الأخيرة تنظيم سلسلة من المعارض المحلية والجهوية، في ظاهرة يعتبرها العديد من المتابعين للشأن المحلي مجرد محاولات للتمويه، وذر للرماد في العيون… هذه المعارض، التي يفترض أن تكون منصات لدعم المنتوج المحلي وتحفيز الاقتصاد، تحولت في نظر البعض إلى وسيلة لتلميع صور بعض السياسيين، خاصة أولئك الذين تربطهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بتنظيمها أو دعمها.
ويرى عدد من المتتبعين أن هذه التظاهرات باتت تستغل كآليات انتخابية سابقة لأوانها، الهدف منها كسب تعاطف الساكنة واستمالة أصواتها، لا سيما في ظل اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة… كما أن الأموال التي تصرف على هذه المعارض تطرح حولها الكثير من علامات الاستفهام، خاصة في ظل اتهامات بتبذير المال العام دون نتائج ملموسة على أرض الواقع.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه من المجالس المنتخبة أن تقدم بدائل اقتصادية واقعية، ومشاريع تنموية تعيد للمدينة حيويتها، تفضل بعض الجهات تنظيم معارض موسمية لا تتعدى في الغالب إطار الاستعراض والاحتفال المناسباتي… المواطن الناظوري، الذي يعاني في صمت، بات يدرك أن هذه المبادرات لا تحمل حلا لأزماته، ولا تفتح له باب الأمل في مستقبل أفضل.
لم يتبق من شباب الناظور إلا القليل ممن لم يستطع إلى الهجرة سبيلا… جيل بأكمله يشعر بأنه محاصر بين جدران البطالة والتهميش، في ظل غياب مشاريع قادرة على خلق مناصب شغل حقيقية ومستدامة…. أما من استطاع المغادرة، فحمل معه ذكرياته وآماله، تاركا خلفه مدينة تزداد عزلة وتهميشا.
Sorry Comments are closed