في الوقت الذي برز فيه عامل إقليم الحسيمة كمثال للمسؤول الإداري المتزن، الحريص على فرض النظام بالقانون وبالعقل، لا بالجرافات والفوضى، ما زال عامل إقليم الناظور يُصرّ على انتهاج أسلوب البيروقراطية البليدة، مستمرا في تعامله الارتجالي والانتقامي مع ملف الملك العمومي، كأننا أمام ساحة حرب لا مدينة تستعد لموسم سياحي!
ففي الحسيمة، وبتعليمات واضحة من العامل وتحت إشراف مباشر من باشا المدينة، جرت حملة نموذجية لتحرير الملك العمومي يوم 3 يونيو 2025، لم تكن تلك الحملة مجرد استعراض عضلات أو عرض بيروقراطي فارغ، بل عملية تنظيمية شاملة بدأت بالتحسيس والتواصل، ثم تحديد المساحات المشروعة، وتشويرها، وصولا إلى حجز ما هو خارج الإطار القانوني، المواطنون صفقوا، وأرباب المقاهي التزموا، والمدينة استعدت فعلا لا شعارا لاستقبال صيف منظم وجاذب.
أما في الناظور، فحدث ولا حرج! عامل الإقليم ما زال يصر على منطق الهدم قبل الفهم، والقمع بدل التنظيم، والجرافة بدل الشريط الأبيض الذي يحدد المساحة القانونية، ففي شوارع مثل ابن تاشفين والجيش الملكي ومحمد الخامس، لا حديث عن تشوير أو تحسيس، بل عن فوضى رسمية موسمية، تبدأ بحملة صاخبة فجائية، ثم تختفي فجأة، لتعود المحلات إلى سابق عهدها … أو أسوأ!
النتيجة؟ لا ملك عمومي تم تحريره فعليا، ولا تجار ارتدعوا، بل فقط مزيد من الاحتقان، والتشكيك في نوايا الإدارة، وإحساس عام بأن السلطة في الناظور تمارس بعقلية انتقامية لا إصلاحية، خصوصا حين تشاهد مشاهد العشوائية التي قادتها قائدة المقاطعة السابعة في الناظور، وكأنها في مهمة عسكرية لا حملة مدنية!
فهل يملك عامل إقليم الناظور الشجاعة ليعترف بأن المقاربة المعتمدة فاشلة؟ وهل يتجرأ على أن يقلد زميله في الحسيمة، الذي أثبت أن القانون لا يحتاج إلى جرافات، بل إلى تخطيط وتواصل وإرادة حقيقية في التنظيم؟
إن الفرق بين الحسيمة والناظور اليوم هو الفرق بين من يؤمن بأن السلطة مسؤولية، ومن يعتقد أنها استعراض، فبين من يحترم المواطن، ومن يستخف به. وبين من يشتغل على المدى البعيد، ومن يركض وراء “صور مؤقتة” لحملات لا تدوم أكثر من أيام.
وعليه، فإننا نطرح السؤال بصوت عال: متى يستفيق عامل إقليم الناظور من سباته البيروقراطي؟ ومتى تكون لدينا في الناظور سلطة تفكر، لا فقط تهدم؟
Sorry Comments are closed