من يتأمل السياسات التي تنهجها حكومة عزيز أخنوش، يخرج بانطباع واضح: هناك انقلاب ناعم على الدولة الاجتماعية التي طالما انتظرها المغاربة… انقلاب لا يعلن في الخطب، لكنه يمارس في القرارات اليومية.
أول مظاهره هو تراجع الدولة عن أدوارها الاجتماعية… المواطن البسيط لم يعد يجد حماية تخفف عنه وطأة الأسعار، بينما السوق وحرية الربح أصبحا المرجع الأول للحكومة… الدولة تشبه في هذه المرحلة شركة خاصة، لا مؤسسة عمومية وظيفتها خدمة الشعب.
ثاني المظاهر يتمثل في خدمة مصالح ضيقة على حساب المصلحة العامة… فقرارات كثيرة صيغت وكأنها مفصلة على مقاس رجال الأعمال، خصوصا في قطاعات استراتيجية مثل المحروقات والعقار، وهو ما زاد من الشعور بالغبن واللاعدالة.
ثالثا، تتآكل الثقة في المؤسسات… غلاء المعيشة، البطالة، وتجاهل أصوات الشارع كلها عوامل جعلت المواطن ينظر بريبة إلى الحكومة، بل وإلى الدولة ككل.. إنها أخطر أشكال “الانقلاب”، لأنها تضرب الرابط الأساسي بين الشعب ومؤسساته.
ورابعا، يسجل المتابعون أن الحكومة تدير الأزمات بعقلية ترقيعية، بلا رؤية بعيدة المدى… ما يعني أن الأزمات تتكرر وتتعاظم، بينما يغيب التخطيط الاستراتيجي الذي يفترض أن يحمي استقرار الدولة.
إنه انقلاب صامت، لكنه أشد خطرا من أي انقلاب صاخب… لأنه يتم عبر التآكل البطيء لثقة المواطن، وتحول الدولة إلى جهاز بلا روح اجتماعية.