في واقعة جديدة تعكس غياب الفهم القانوني لدى بعض المسؤولين والسياسيين والحقوقيين والصحفيين، خرج الأمين العام لإحدى المنظمات الحقوقية، المسمى نبيل وزاع، بتصريحات مثيرة للجدل، طالب فيها باعتقال سائح أجنبي وثق بالفيديو ضابط أمن بمراكش وهو يطلب رشوة، متهما السائح بـ”التشهير”.
هذه التصريحات تكشف بوضوح أن مفهوم التشهير ما زال ملتبسا لدى كثير من الفاعلين، رغم وضوح النصوص القانونية التي تنص على أن التشهير لا يتحقق إلا إذا كانت الوقائع غير صحيحة وتم نشرها بهدف الإساءة… أما إذا كانت الوقائع حقيقية وموثقة بأدلة دامغة، كما في هذه القضية، فإن الأمر يدخل في إطار التبليغ عن جريمة، وهو فعل يحميه القانون.
المثير للاستغراب أن هذا الخلط في الفهم لا يأتي من مواطن عادي، بل من شخصية تقدم نفسها كمدافع عن حقوق الإنسان ومحاربة الفساد، كان يفترض أن تكون أول من يدافع عن حق التوثيق وكشف التجاوزات، لا أن تطالب بمعاقبة من فضحها.
إن هذه الحادثة ليست مجرد زلة لسان، بل مؤشر على أزمة أعمق تتعلق بضعف الثقافة القانونية لدى شريحة واسعة من النخب التي تتصدر المشهد الإعلامي والسياسي والحقوقي… وعندما يختلط عليهم مفهوم أساسي مثل التشهير، يصبح من الطبيعي أن نشهد مواقف تدافع عن الجناة وتهاجم المبلغين، في انقلاب كامل على منطق العدالة والشفافية.
لقد آن الأوان لإعادة التأكيد على أن التشهير هو الكذب المتعمد بقصد الإساءة، لا كشف الحقيقة الموثقة… وأي خطاب يحاول قلب هذه القاعدة هو في جوهره دعوة لتجريم الحقيقة وحماية الفساد، وهو ما يتنافى مع دولة الحق والقانون.
Sorry Comments are closed