أبعير يكتب: أخنوش بين “الوطن” و”المزرعة”

أبعير يكتب: أخنوش بين “الوطن” و”المزرعة”
الريف 2412 ماي 2025Last Update : 5 شهور ago

يبدو أن الحكومة المغربية، بقيادة رجل الأعمال ورئيس حزب “التجمع الوطني للأحرار”، عزيز أخنوش، قد اختلطت عليها مفاهيم الدولة والوطن والمزرعة… فحين يصبح المال العام غنيمة، والمؤسسات أدوات لتمرير المصالح، وتفرغ السياسة من أخلاقياتها لتستبدل بلغة الصفقات والولاءات، فإننا لا نكون أمام “حكومة وطنية”، بل أمام شركة قابضة تدير ما تبقى من أمل المواطن المغربي بشراهة المستثمر ونهم المحتكر…

في عهد حكومة أخنوش، لم يعد الفساد أمرا عارضا، بل صار منهج حكم خفي، تغذيه شبكات المصالح، وتزكيه بعض المؤسسات الوطنية التي يفترض أن تكون حارسة للعدالة والمساءلة، لكنها – ويا للمفارقة – تحولت إلى حامية للفساد ومطاردة للنزاهة…. فالصحفيون الذين صدحوا بالحقائق، والنشطاء الذين كشفوا المستور، وجدوا أنفسهم إما خلف القضبان، أو في المنافي، أو ضحايا لحملات التشهير والإسكات… بينما ينعم المفسدون بالحصانة، ويتقدمون في سلم السلطة بلا رقيب ولا مساءلة!!.

ووسط هذا المشهد المقلق، اختار كثير من الأصوات النزيهة أن تكمل رسالتها من خارج الوطن… لم يكن الهروب خيارا، بل ضرورة أخلاقية ووجودية، لحماية الكلمة الحرة من مقصلة “الخطوط الحمراء” المتكاثرة… هؤلاء لم يغادروا الوطن كمن لفظه، بل حملوه معهم كقضية ورسالة… ولم يهاجموا دولتهم، بل انتقدوا حكومة فقدت شرعية الأخلاق والإنجاز، وأحزابا حولت العمل السياسي إلى دكاكين للصفقات والمصالح.

وما ينبغي التأكيد عليه – درءا لكل مزايدة – أن الغالبية العظمى من المنتقدين، خصوصا من اختاروا استكمال معركتهم من خارج أرض الوطن، لا يفعلون ذلك من موقع العداء للدولة، بل من موقع الغيرة على الوطن والتشبث العميق بثوابته… وفي مقدمة هذه الثوابت المؤسسة الملكية، التي يعتبرها هؤلاء خطا أحمر لا يمس، والركن الضامن لأمن البلاد واستقرارها، وحامية المصالح العليا للشعب المغربي.

فهم لا يفصلون بين النضال من أجل العدالة والحرية، وبين الولاء للمؤسسة التي تمثل السيادة والوحدة الوطنية… بل إن دفاعهم عن الملكية أشد شراسة ووضوحا، باعتبارها الحصن الأخير في وجه عبث السياسيين، والضامن الوحيد لاستمرار الدولة حين تفرط الحكومات المتعاقبة في مسؤولياتها.

إننا لا نحتاج إلى حكومة “تحسن صورتها” بالإعلانات، بل إلى حكومة تحترم ذكاء المغاربة، تحارب الفساد لا الصحفيين، وتنصت لصرخات الهامش بدل حماية نخب الريع… الوطن ليس حفلة مقاولات، ولا منصبا للاغتناء، بل أمانة ومسؤولية، تتطلب رجالا ونساء يخافون على البلاد لا منها.

الزمن كفيل بفرز المخلص من المتسلق، ولكن التاريخ لا يرحم… وكل من يرى في الوطن غنيمة، سيتحول في ذاكرة الأحرار إلى عار لا يغتفر.

Short Link
Comments

Sorry Comments are closed

Breaking News