شهدت مدن مغربية، خلال الأيام الأخيرة، سلسلة احتجاجات شبابية حملت شعارات اجتماعية تطالب بإصلاح التعليم والصحة وتوفير العدالة الاجتماعية… هذه التحركات، التي اتخذت في الرباط طابعا سلميا منظما لأول مرة في حي أكدال، سرعان ما حظيت باهتمام واسع من وسائل الإعلام الإسبانية التي سارعت إلى تضخيمها وربطها بأزمة سياسية داخلية.
صحيفة ABC الإسبانية وصفت المظاهرات بأنها “تحد مباشر للنظام”، في محاولة واضحة لتأطيرها خارج سياقها الاجتماعي. وفي تقارير أخرى لوكالة الأنباء الإسبانية (EFE)، جرى التركيز على شعارات رفض تنظيم كأس العالم 2030، وتقديم صورة المغرب كبلد يفضل “المشاريع الضخمة على حساب صحة مواطنيه”.
غير أن قراءة الأرقام الرسمية تكشف مشهدا أكثر تعقيدا، إذ إن أغلب أعمال العنف التي رافقت بعض الاحتجاجات كانت من تنفيذ قاصرين، وأسفرت عن خسائر مادية جسيمة واشتباكات مع قوات الأمن… كما أعلن رئيس الحكومة عزيز أخنوش استعداده لفتح حوار، في وقت تؤكد فيه السلطات أن معظم التجمعات ذات طابع سلمي.
المثير أن وسائل الإعلام الإسبانية قللت من هذه المعطيات وركزت بدلا من ذلك على مشاهد الفوضى لتغذية سردية “جيل بلا مستقبل”، في تكرار لنبرة اعتادت توظيفها عند تناول القضايا الداخلية المغربية… ويبدو أن الهدف أبعد من مجرد التغطية الصحفية، بل هو محاولة استثمار اجتماعي وسياسي لضرب صورة المغرب، خصوصا مع اقتراب موعد كأس العالم 2030.
وبينما يواصل الشباب المغربي التعبير عن إحباطاتهم الاجتماعية، تبقى المفارقة في كيفية استغلال الإعلام الإسباني لهذه التحركات، وتقديمها كدليل على أزمة شرعية، بدل قراءتها كحراك اجتماعي يعكس مطالب طبيعية لجيل جديد يسعى إلى مستقبل أفضل.




Sorry Comments are closed