هشام اسباعي يكتب: تعلمنا الأمازيغية فقط … أغاني الكباريهات تسيطر على الساحة الفنية الناظورية

هشام اسباعي يكتب: تعلمنا الأمازيغية فقط … أغاني الكباريهات تسيطر على الساحة الفنية الناظورية
الريف 242 غشت 2025Last Update : شهرين ago

في زمن ليس بالبعيد، كانت الأغنية النسائية الأمازيغية بالريف، وتحديدا بمدينة الناظور، تعتبر نموذجا يحتذى به في الفن والهوية والرسالة… كانت المرأة المغنية سفيرة للوجدان الريفي، وراوية لآلام وأحلام مجتمع بأكمله، تطوع لغتها الأمازيغية لتروي قصة الأرض، والحب، والغربة، والمقاومة.

أصوات مثل مليكة الفرخانية، فاطمة الناظورية، ميمونت نسروان، وغيرهن من القامات، لم يكن مجرد فنانات، بل أيقونات نسائية حملن الفن كقضية، لا كوسيلة شهرة أو ترف ليلي.

واليوم، نجد أنفسنا أمام انحدار مؤلم لما آلت إليه الأغنية النسائية الأمازيغية… فقد برزت في الآونة الأخيرة أصوات شابة مثل نايلا، وسكينة، وشيماء، وملاك، روج لها تحت شعار “الصعود النسائي الأمازيغي”، بينما الحقيقة المؤلمة تقول:

“تعلمنا الأمازيغية فقط، وأنتجنا فنا لا ينتمي إليهن!”

هذه الأصوات وإن تغنت بـ”تمازيغت”، فإن مضمون ما تقدمه لا يمت للأغنية الأمازيغية الأصيلة بأي صلة… أغان خالية من المضمون، سريعة الاستهلاك، لا تتعدى كونها مزيجا من إيقاعات الكباريهات ورداءة النصوص، المغلفة بعبارات أمازيغية مكسرة ومشوهة.

إنها أغاني لا تحترم لا الموروث، ولا الذائقة، ولا حتى اللغة نفسها… مجرد استعراض صوتي وجسدي وشكلي، ينتج فنا هجينا، خال من أي عمق ثقافي أو إنساني.

والأدهى أن هذه الموجة الجديدة طغت على الساحة، في وقت تهمش فيه أصوات حقيقية مثل صابرينا، التي سارت على نهج الأصالة، وحاولت تجديد الفن دون التخلي عن هويته.

أين ذهبت الأغنية التي أبكت الجبال؟ أين ذهبت الأغنية التي غنت للحصاد، وللغربة، وللوالدة، وللعاشق المسلوب؟

أين الأغنية التي وصلت لقلوب العالم، كما في “ⴽⴰⵄ ⴽⴰⵄ ⵣⵓⴱⵉⴷⴰ”؟ تلك التي غناها الكل دون أن يفهم الكلمة، لأن الروح كانت حاضرة!

اليوم، كل ما تبقى هو أسماء تحترف الظهور لا الغناء، وتتقن الرقص تحت شعار: “حركي حركي داك الطرف”، ولو على أنقاض هوية فنية كانت تضرب بها الأمثال.

وفي الختام، ما نراه اليوم ليس فنا ريفيا، بل هو تشويه مقنع للتراث، يحمل لغة الأمازيغية لكنه يخون جوهرها.

وإذا لم يرفع الصوت الآن، فقد نجد أنفسنا بعد سنوات، أمام مشهد فارغ من أي صدق، تهيمن عليه “أغاني الكباريهات”، وتنسى فيه فنانات ذهبيات كن فعلا صانعات هوية ومجد.

فإلى متى سنصمت؟ وإلى متى سنستبدل “ميمونت نسروان” بـ”شيماء الحناوي”؟ وإلى متى ستبقى الأصالة ضحية للزيف الذي يسوق تحت شعار “التجديد”؟

Short Link
Comments

Sorry Comments are closed

Breaking News