أبعير يكتب: الملك يعيد ترتيب أوراق الدولة…

أبعير يكتب: الملك يعيد ترتيب أوراق الدولة…
الريف 2413 ماي 2025Last Update : 4 شهور ago

في المشهد السياسي المغربي، لا شيء يترك للصدفة… فكل خطوة، وكل تعيين، وكل توجيه يصدر عن المؤسسة الملكية يحمل رسائل دقيقة، سواء كانت مباشرة أو مغلفة باللياقة الدستورية… هذا ما عكسه بوضوح المجلس الوزاري المنعقد يوم الإثنين 12 ماي 2025، برئاسة الملك محمد السادس، والذي شكل لحظة فارقة في مسار العلاقة بين الدولة العميقة والحكومة الحالية التي يرأسها عزيز أخنوش.

فبين التعيينات المتعددة في مناصب عليا بالإدارة الترابية، وتغييرات جوهرية على مستوى قطاعات استراتيجية، تبرز حقيقة واحدة لا تخطئها العين: الملك يتدخل شخصيا لسد الفراغ الذي تركته حكومة أخنوش في عدد من الملفات الحيوية، بعدما تبين أن الأداء الحكومي لم يرق إلى مستوى التحديات التي تواجه البلاد.

العدد غير المسبوق من تعيينات الولاة والعمال (25 منصبا في دفعة واحدة)، يشير إلى خلل واضح في تدبير الشأن الترابي، وافتقاد الحكومة لأدوات الفعالية والسرعة في معالجة قضايا المواطنين، خاصة في ظل التوترات الاجتماعية والمطالب التنموية المتزايدة في الأقاليم… كما أن تعيين نساء في مواقع قيادية له رمزية مضاعفة: تجديد النخب، وكسر الجمود الذي غلف بعض مفاصل الدولة تحت قيادة حكومية متحفظة وعاجزة عن المواكبة.

وعلى صعيد آخر، جاء تعيين شخصيات بكفاءة عالية في مؤسسات اقتصادية كبرى مثل صندوق محمد السادس للاستثمار والشركة الوطنية للضمان، ليطرح سؤالاً محرجا: إذا كانت هذه المؤسسات تدار خارج نفوذ الحكومة، فأين هو الدور التنفيذي الفعلي لرئيسها؟ الواقع يقول إن هناك محاولة ملكية واضحة لفك الارتباط بين المشاريع الاستراتيجية الكبرى وبين عشوائية التدبير الحكومي.

حتى في القطاع الصحي، الذي وعدت الحكومة بإصلاحه، كان لا بد من تدخل ملكي لتعيين مدير عام للمجموعة الصحية بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، كخطوة أولى لتفعيل نظام جهوي جديد، لطالما بقي حبيس الوعود.

وفي كل هذا، تبقى الرسالة المركزية لهذا المجلس الوزاري واضحة: حينما تفشل الحكومة في ملء الفراغ، تتدخل الملكية لضبط الإيقاع وحماية استقرار الدولة.

هي ليست مجرد تعيينات إدارية، بل تصحيح لمسار سياسي وتنبيهات مبطنة لحكومة بدأت تفقد رصيدها حتى داخل مربع القرار نفسه.

Short Link
Comments

Sorry Comments are closed

Breaking News